بعد ليلة ناعمة كان الأنس فيها يزف البشرى في رحم كاثي وهايدي تغمرها السعادة فرحة ويقيناً بأن الحياة تبيض يرقاتها وتنتشي أزهارها ليكون الكون وعاء النماء والعطاء .

إنه طفلها القادم هنري

إنهم بذور يغرسها القدر في بطون الأمهات حتى يكتمل بناء الحب نضجا وزينة في الحياة وتجعلهم مواليد يغرسون الورد سعادة ويرسمون البسمات فناً في ثنايا الصباح مع كل شروق وفي احمرار الغروب ، هجع الجميع إلى ملاذ الراحة والهدوء .

إنه النوم الخيار الجميل ، الذي يعطي النفس حريتها عندما تحلق بنرجسية عالية مغمورة بالاطمئنان بين النجوم وفي فضاء السماء .

هكذا الأمنيات تموج بحارها مع انحدار الطيف وتزخرف ألوانها إبداع بعد المطر .

نامت هايدي وحيدة في كوخها الذي زواياه حروف محفورة في مشاعر الوجدان . إن رحيل وليم لم يعطي النفس كفايتها لتسكن مشاعرها في حديقة الحب ، ولكن تبقت روائح تستنشقها الأنفاس لتنكمش في الهدوء مثل وهن العنكبوت . مازالت روائح عطره الفولاذية في الكوخ رذاذاً تستنشقها الأنفاس بالاطمئنان في مشاعرها .

حانت الولاده إنه طفلها المتبقي من شظايا الذكريات المتناثرة يحمل الجينات ويبقي فانوس الحب وهجا بين الضلوع ينثر الحنان لتروي ظمأ السنين إنه هنري . وعند باب الكوخ نباح اليقظة الكلب الصغير الذي أصبح نباحه حادا قليلا لقد غيرته الأيام وأصبح وزنه وحجمه يجعل نباحه يهيب الغرباء ،وفي كوخ جون مازال شجن الناي ينفخ بأنغامه صدى في أُذنه لطفلة القصة في ريفها ، و بجانبه كاثي إحمرار الأنس في وجنتيها لقد ازداد كوخهم وضاءة وسكونا بعد زيارة الطبيبة وأخبارها السارة ، إنه الحب تبيض يرقاته في رحم الحياه أطفالاً يبهجون الأرواح حتى تذوب في الغرام و يغفون براءة في حضن السعادة.

لقد انهمرت قناديل الفرح في الأكواخ شمعا يوقد الأمل في لوحات يافعة مثل الأرجوان المشع في مستقبل الأيام
و الأب جاك وإيلين في كوخهم الذي أصبح فانوسه يخفت ضوؤه لقد استباح التعب أجسادهم فالسنين سلبتهم القوة ولم تبق لهم سوى فتات لإكمال الأيام لقد بدأ الضوء يذبل من فانوس الكوخ فالعمر قارب رنين رحيله تعبا يغازل الاجساد وتارة حمى تجعل الأنفاس في حرج البقاء وأخرى ترتحل الذاكرة إلى موطن الصبا والأيام الخوالي حتى يهذي اللسان بعبارات الاستغراب و يكون النحيب طفلا يلوح في الوداع لقد تسلل المرض والتعب في جسد جاك وأصبحت يداه لا تفارقها رعشة السنين لقد اكتملت مراحل الحياة انحناء الظهر وضعف النظر وتجاعيد الجسد إنه العمر يهديك الأشياء بدون ثمن .

وبدات تحزم الأيام حقائبها إلى توابيت التراب .

أجيال ترحل وأجيال تولد إنها أقدار السماء .

مضت الأيام وأكملت هايدي شهرها التاسع والكل في حالة ترقب مابين المخاض ومابين تعب الأب جاك زاد الارتباك والقلق لدى إيلين فهي مابين سعادة الاطمئنان وربكة الخوف بدأ الشحوب على هايدي وبدأت الآلام تنحني في أضلاعها وكان العراك من طفل السعادة يركض بكامل قوته يريد أن ينعم في ريف الحياة يريد أن يستنشق عبق الأزهار ويرى الدنيا التي هي فسحة الأمل في عيون الكون و في أناقة العافية وبهجة الحياة .

وهناك من شاخ عمره وأصبح في ذبول وشمسه في غروب نقيض العيش مابين الأكواخ قادم ومودع
حاولت كاثي أن تقنع هايدي لكي تذهب إلى المدينة من أجل الولادة ولكن التعب ليس لديه الوقت حتى يمنح الآخرين القرار ، ولكن إيلين علمتها حياة الأرياف أنها لا تخلو من أطباء الفطرة والخبرة والتجربة تذكرت أن في الجوار ريفاً على مسافة ساعة بالقطار تسكن فيه امرأة تساعد النساء على الولادة لديها خبرة طويلة جعلت من أناملها أشعة تقرأ الإحساس وتعيد الأمل من عنق اليأس والتعب إلى السعاده .

إنها الأرياف تعلمهم كل شيء عندما تكون الحاجة نافذة البقاء .

انها البصيرة والحكمة والطب البسيط ، ركب جون القطار لإحضارها .

تفقد محفظته فوجد فيها قليلا من النقود يكفي لركوب القطار والعودة وشراء المستلزمات ودفع الاجره .

وصل جون الريف وبدا يسأل عن هذه المراءة حتى وصل كوخها ووجد معها عجوز قد شاخ في العمر مثل ابيه ولكنه يستمتع بريّ الازهار مبتسماً لوح له جون وابدا سعادته واخبرها ان زوجة اخيه على وشك الولادة ولابد من الاسراع في مساعدتها ، اخذت حقيبتها ووضعتها فوق كتفها بعد ان ودعت زوجها وهو يردد سوف تحصلين على كثيرا من المال .

وصلا الى المحطة للمغادرة تعطل القطار لقد بلغ الهلاك فيه مبلغا عظيما ولكنه ما زال صامدا ينقل الناس يقوده رجل ذو قبعة ريفية جميلة .

بدا القلق ينتاب جون من طول الانتظار ولكن تم إصلاحه وتحرك القطار بدا جون في البحث في جيوب المقاعد عن قصة لم يجد سوى عنكبوت قد عبس انكماشاً في الانقضاض دفاعا عن نفسه على كل من يحاول ان يؤذيه تركه جون خوفاً منه ، تأخر جون على عائلته وغربت الشمس وهو لم يصل اليهم وبدا التعب يغزو وجه هايدي الشاحب الكل في انتظار المخاض هناك دموع تسقي حرارة الأنفاس كأنها ترسم ملامح الذكرى.

إنها خليط مابين الولادة وتذكار مأساة وليم هناك خطوط من الدموع تجري ملوحتها مابين حزن وفرح لقد بدأ القلق والارتباك على كاثي ، بدات الافكار تغزو راسها هل سيناريو الأحداث للمأساة عندما ذهب وليم مع أبيه في الليلة الممطره فكان الثمن حياته ، لم يمهلها الصبر حتى بدات في الأنين والام إيلين بدأ العرق يتصبب منها حيرة ورهبة وهايدي بصرها يكتب زفير الصراخ من ألم الولادة والأب جاك تقلبه الحمى في لضيضها حتى يغيب عقله وحيداً ويكون صراخ التعب .

إنها ساعات يقف الزمن فيها مثل الاب جاك شاب جسده وأصبحت شعراته بيضاء مثل اللبن حيرة واستسلاما لأقدار السماء ، الكل في ذهول حتى لاح شعاع مصباح من بعيد وانطلق الكلب الصغير يزف البشرى نباحا إن القادم هو جون ومعه المراءه تحمل كيسها فيه كل ما تحتاجه اللحظه عند الولادة فيه من الأعشاب والتداوي ورباط النجاه ، تهللت الأسارير واحتضنت كاثي جون وكأن الاحتضان ضاع في زحمة الانتظار وبدات تجهش بالبكاء دخلت الطبيبة على هايدي وبدات تقلبها وإيلين تساعدها ووضعت قليلا من الزيت فوق بطنها وبدأ الصراخ من هايدي حتى ضج الصراخ بصوتين احدهما بكاء هنري الصغير لقد ولدت هايدي فكان الاستبشار فرحاً بأنه ذكر فكان قمة في الجمال مزيجا من حسن أبيه وجمال أمه ابتسمت هايدي وتناثر التعب عندما رأته واستبشرت خيرا وقالت إن اسمه هنري يا كاثي إنه وردة يافعة في كوخ الحياة بدأ يصرخ كأنه يريد أن يسال أين أبي ؟ إنها لحظات ينتظرها الجميع .

غادرت الطبيبه برفقة جون والأم سعادتها خجولة في ضجيج الصراخ ولكن لعله استعاد البقاء لأبيه في سكون الكوخ وفانوس الأمل .

الى ،،،، يرقة اخرى في ريف الاعمى الذي يحلم أن يرى السماء .

ابتسم أيها الأنيق هكذا نعيش في الحياه .